عندما خسر ماكرون المغرب ولم يحصد شيئا من رهانه على الجزائر

أسفي كود4 يوليو 2023آخر تحديث : الثلاثاء 4 يوليو 2023 - 2:47 مساءً
أسفي كود
زوومفي الواجهةناس الخير
عندما خسر ماكرون المغرب ولم يحصد شيئا من رهانه على الجزائر
سلط السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور الضوء على ما وصفه بالرهان الخاطئ للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون على الجزائر، وهو توجه تسبب بإلحاق ضرر كبير بالعلاقات مع المغرب. تلك الخلاصة الرئيسية في مقال السفير السابق بالجزائر تحت عنوان “الرهان الجزائري لإمانويل ماكرون، الأوهام والمخاطر والأخطاء”.

أوهام ومخاطر وأخطاء، يرصدها الكاتب الذي يعتبر من أكثر السفراء الفرنسيين، الذين قضوا فترة طويلة بالجزائر، حيث تولى أمر السفارة بين 2008 و2012، وعين سفيرا بالبلد ذاته في الفترة ما بين 2017 و2020.

وكان السفير السابق كزافيي دريانكور قد أصدر، في مارس من العام الماضي، كتابا تحت عنوان “اللغز الجزائري.. مذكرات سفارة بالجزائر”، اعتبر بمثابة مذكرات حول الفترة التي قضاها في البلد المغاربي.

وقد صرح كزافيي دريانكور، الذي اشتغل في كتاباته على تجربته كسفير في الجزائر وسجلات السفارة الفرنسية بها والذاكرة المشتركة بين البلدين، أنه “بعد ثماني سنوات من التواجد فيها، لا تزال الجزائر غامضة، على الأقل بالنسبة لي”.

يرى السفير الفرنسي الذي يعتبر من رجالات “كاي دورساي” الخبراء بالشأن الجزائري، أن الرئيس الفرنسي كان يطمح لمصالحة تاريخية مع الجزائر، على غرار ما قام به الزعيم الفرنسي شارل دوغول مع ألمانيا، أو الصلح التاريخي الذي جمع بريطانيا بفرنسا.

ويوضح أن طموح ماكرون كان ينبني على رهان كبير على الجزائر، لكن المعطيات الملموسة خاصة ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والعسكري والأمني تبقى مخيبة للآمال، بل أدت إلى كوارث جيوسياسية لباريس.

يقول كزافييه دريانكور، في مقال تحليلي من 24 صفحة، نشره مركز التفكير والأبحاث توماس مور، إن رهان ماكرون بالميل التام والمتعمد نحو الجزائر كانت له عواقب ضارة أخرى؛ إذ ساهم ذلك في إفساد العلاقة مع المغرب، بينما نجح الرؤساء السابقون دوما في الحفاظ على نوع من التوازن في علاقتهم بين الرباط والجزائر.

ويضيف “إن الاعتقاد بأن الرهان على الجزائر سوف يعفينا من العلاقات الودية والجوهرية مع الرباط خطأ: فالملفات (السياسية، الأمنية، الاقتصادية والهجرة) التي يجب أن تعمل عليها فرنسا مع المغرب كثيرة، واليوم، فإن الخيار الحصري لصالح الجزائر قد أبعد فرنسا عن المغرب.

بالنسبة للدبلوماسي الفرنسي المخضرم، فإن رهان ماكرون على الخيار الجزائري جعل المغرب بطريقة ما “يتجه” نحو حلفاء أو شركاء آخرين: الحلفاء الغربيون مثل إسبانيا والولايات المتحدة وإسرائيل وكذلك الصين.

ويتابع دريانكور “لقد تغير السياق الجيوسياسي: فقد هبت الرياح العاتية على العالم، وتتزايد التوترات الدولية في كل مكان، والقوى المعادية للغرب صارت أكثر تنظيما، والتعددية القطبية، التي يتباهى بها البعض، تعني، في الحقيقة، الفوضى والتشرذم الحقيقيين للعالم، لذلك فإنه سيكون من الوهم الاعتقاد بأنه يمكننا الهروب من هذا المنطق”.

ويضيف: “علينا أن نسأل أنفسنا من هم حلفاؤنا، من هم أصدقاؤنا. في هذه المرحلة، نحن مبعدون من المغرب ولا نحصد شيئا، ولا نحصد شيئا من رهاننا الجزائري”.

يقر السفير الفرنسي السابق في الجزائر بأن المغرب يعتبر الدولة الأكثر استقرارا في المنطقة، والتي تظهر ديناميكية اقتصادية واستراتيجية في تقديم الفرص التي لا يمكن التغاضي عنها، وتطمح إلى الاعتراف بمكانتها كقوة إقليمية. ويضيف “لا يمكننا أن نسمح لعلاقتنا مع المغرب أن تتدهور أكثر. بطبيعة الحال، هناك بعض القضايا الحساسة أو الشائكة، مثل قضية الهجرة أو قضية الصحراء، لكن التمسك بنوع من الطهرانية لا يمكن أن يكون حلا. يجب على فرنسا استرداد زمام المبادرة”.

في الفقرة التي يتطرق فيها كزافييه دريانكور للضرر الذي ألحقته سياسة ماكرون بالعلاقة بالمغرب، يعود من جديد بإسهاب إلى فشل رهان ماكرون الجزائري، ويقول “إن الرهان الفرنسي لصالح الجزائر لن يمنحنا إلا، كما رأينا، مزايا قليلة في الملفات الكبرى: لا شيء يذكر في العلاقة العسكرية، ربما أشياء قليلة (أو دائما نفس الشيء)”.

وهنا يشير إلى زيارة قائد الجيش الجزائري السعيد شنقريحة قبل أشهر إلى باريس، والتي اعتبرها غير مفيدة، خاصة بعد فشل صفقة بيع طائرات رافال الفرنسية، سيما بعد أن شغلت الحرب الروسية الأوكرانية موسكو عن تزويد الجزائر بأسلحة جديدة، لكن رغم ذلك لم يسمح هذا الظرف لباريس بتوقيع عقود تسليح مهمة، باستثناء بيع بعض الرادارات، واصفا ذلك بالفتات، فإيطاليا تبيع الجزائر السلاح الجوي الخفيف، خاصة المروحيات الصغيرة، والألمان يزودونها بمعدات بحرية، والروس هم المزود الأول لها بالأسلحة البرية، فماذا تبقى لفرنسا؟

المصدرعبد الرحيم السموكني

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الأخبار العاجلة