الزوج أدين بـ 3 سنوات حبسا .. محكمة النقض تعتبر الزواج العرفي بقاصر “جريمة هتك عرض”

أسفي كود21 ديسمبر 2023آخر تحديث : الخميس 21 ديسمبر 2023 - 5:01 مساءً
أسفي كود
زوومفي الواجهة
الزوج أدين بـ 3 سنوات حبسا .. محكمة النقض تعتبر الزواج العرفي بقاصر “جريمة هتك عرض”

أصدرت محكمة النقض قرارا جديدا اعتبرت من خلاله أن الزواج العرفي بطفلة يعتبر جريمة “هتك عرض”، ويعاقب عليها القانون الجنائي، وهو ما نص عليه قرارها المبدئي رقم 217، الصادر بتاريخ 16 فبراير 2022، في الملف الجنائي رقم 9911/6/3/2022.

وبالنظر إلى العدد المرتفع الذي تسجله حالات تزويج الطفلات بشكل قانوني، إذ تصل إلى 130 ألف حالة سنويا، إلى جانب حالات أخرى للزواج غير الموثق، التي يصعب حصرها، فإن هذا القرار، حسب المتتبعين للشأن القانوني والحقوقي، مهم كونه يعيد إلى الواجهة إشكالية الزواج العرفي بالمغرب، وتداعياته على حقوق الطفلات.

حيثيات قرار محكمة النقض

وفي وقائع القضية، فإن وقائع القضية تتلخص “في إقدام شخص طاعن في السن على إقامة حفل زواج عرفي بطفلة، في إحدى قرى مدينة ورززات، حضره عدد كبير من المدعوين، دون سلوك مسطرة الزواج بالقاصر، ومن دون احترام مسطرة زواج التعدد، المنصوص عليها في مدونة الأسرة”.
وأضاف القرار أنه “بعد أن اختلى بها ومارس عليها الجنس، وافتض بكارتها، فرت الطفلة من جديد إلى بيت أسرتها، ورفضت الالتحاق ببيت الزوجية”.
وبعد إشعار النيابة العامة، يضيف القرار: “قررت متابعة الزوج من أجل هتك عرض قاصر بدون استعمال العنف، وأحالته على الجلسة للمحاكمة أمام غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف”.
ولفت القرار إلى أنه “خلال مناقشة القضية، أثار دفاع المتهم انعدام الركن المادي والمعنوي في الجريمة، لكون المتهم تزوج بالمشتكية، بالفاتحة، بحضور ولي أمرها، ومباركته، وأقام وليمة بمناسبة حفل الزواج، حضرها عدد من المدعوين”، موضحا أن “ارتباط المتهم بزوجة أخرى، ورفضها منحه الإذن بالتعدد، جعله مضطرا للاكتفاء بالزواج العرفي، وهو زواج شرعي يعترف به القانون”.
وتبعا لحيثيات الملف، “استمعت المحكمة لوالدي الطفلة اللذين أكدا أنهما زوجا ابنتهما للمتهم، بالفاتحة، لتعذر حصوله على إذن المحكمة، وأكدت الأم أنه رافق ابنتها على متن سيارته إلى بيت الزوجية عقب الزواج، واختلى بها، ومارس عليها الجنس، وأنها عاينت بقع الدم بسريرها في صبيحة اليوم الموالي”.
كما استمعت المحكمة للشهود ممن حضروا حفل الزفاف، وأكدوا عدم علمهم بما إذا كان الزوج قد حصل على إذن قضائي بالزواج بقاصر.
بناء على ما سبق، قررت المحكمة إدانة المتهم والحكم بالحبس النافذ لثلاث سنوات، وأدائه للطفلة تعويضا مدنيا قدره 40 ألف درهم، غير أن المتهم طعن في القرار، “لكون الشهود لم يعاينوا العملية الجنسية، وإنما حضروا فقط حفل الزفاف، ولأن الأمر يتعلق بزواج شرعي، لا يمكن اعتباره جريمة هتك عرض معاقب عليها”.
وأحيلت القضية على محكمة النقض، في إطار مراحل التقاضي، لتقرر بدورها “تأييد القرار الاستئنافي بإدانة المتهم من أجل جريمة هتك عرض قاصر”.
واعتمدت محكمة النقض في إصدار قرارها على عدة أسباب تتمثل في: “تصريحات الطفلة بأن المتهم طاعن في السن، ومتزوج بامرأة أخرى، وتزوجها بالفاتحة دون عقد زواج، ومارس عليها الجنس وافتض بكارتها. ثم تصريحات والدة الطفلة بكونه نقل ابنتها إلى بيته على أساس أنها زوجته، بعد تلاوة الفاتحة، لتعذر إجراء مسطرة التعدد لرفض الزوجة الأولى. ولكونه اختلى بها بعد الحفل، وما عاينته في صباح اليوم الموالي. وتأكيد المتهم أنه تزوج بالطفلة من دون سلوك المساطر القانونية اللازمة”.
وجاء في تفاصيل القرار أن “محكمة النقض اعتبرت أن محكمة الموضوع بينت بشكل واضح قناعتها، واستعملت في ما انتهت إليه سلطتها في تقدير ما عرض عليها من وقائع وأدلة، وعللت قرارها بما فيه الكفاية، مما يجعل طلب النقض مرفوضا”.

 لحبيب حاجي: قرار صائب والتوجه القضائي ذاهب للدفع بتشريع يمنع زواج القاصر

اعتبر المحامي والحقوقي لحبيب حاجي، من هيئة المحامين بتطوان، أن قرار محكمة النقض، الذي رفض طعن المتهم المدان بجناية “هتك عرض قاصر بدون عنف”، صائبا في تأييده للقرار المطعون فيه نقضا، وأنه يقترب جدا للمقاربة الحقوقية؛ سواء على صعيد القانون الجنائي أو مدونة الأسرة.
وأوضح المحامي حاجي، في تصريح لـ “الصحراء المغربية”، أن قرار محكمة النقض تعامل مع علاقة المتهم بالقاصر على أساس أنها علاقة زواج، لأن الزواج في المغرب قانونا، إلى حد الساعة، يمكن أن يتم بدون كتابة، أي يمكن أن يتم عن طريق تراضي طرفيه، وأن يتحقق فيه شرط الإشهار، ويكون هناك صداق، ثم يمكن إثباته في ما بعد عن طريق إثبات الزوجية.
وأشار إلى أن القضاء المغربي، وعلى رأسه محكمة النقض، أكدت بقرارها جريمة هتك عرض قاصر ولو في إطار الزواج (سواء كان مكتوبا أو غير ذلك)،
وانطلاقا من هذا الموقف، يقول المحامي، فإن أي زواج للقاصر، ولو كان كتابة، يعتبر جناية هتك عرض قاصر .
ويرى الأستاذ حاجي، في تعليقه على القرار، أن الأمر يتعلق بجريمة جناية هتك عرض قاصر بدون عنف، وأنه يجب تغيير الموقف إلى اعتباره بالعنف، ومضى قائلا: “لأن الطفلة قاصر، والمتزوج بها راشد، وهي ليست في كامل الإرادة لتعبر بأنها أرادت أم لا، فالصحيح أن القاصر هنا بلا إرادة، لأن المجتمع يجبرها على ذلك. ونقصد بالمجتمع الأبوين والأسرة والعائلة والمحيط، وليست هناك وقائع معيبة تفيد الرضى والإرادة خارج سلطة الأسرة والمحيط “.
وأكد المحامي أن التوجه القضائي بهذا القرار “ذاهب في اتجاه الدفع بتشريع يمنع زواج القاصر ولو بإذن القاضي، ولو في حالة الاغتصاب أو هتك العرض”، وأن القرار “ينتصر للمقاربة الحقوقية والعلمية التي تعتبر كل من لم يصل إلى 18 سنة فهو طفل غير مكمل لأهلية الزواج والاختيار وتحمل المسؤوليات الجبارة وتأسيس أسرة، وهذا الموقف ينسحب على الفتى والفتاة “.
وخلص للقول إن “سن 18 سنة هو معتمد على أسس علمية، واكتمال النضج الذهني والعاطفي لا يتم إلا بتمام 18 سنة. قد نؤهل شخصا لممارسة التجارة والأعمال بشكل شخصي ما دون 18 سنة، لكن الزواج يبقى فوق التجارة وما شابه، إنه مؤسسة منتجة للإنسان والأسرة والمجتمع والقيم والتربية في غاية الخطورة والأهمية، ويلزمها تمام النضج والعقل والصحة”.

المصدرعن الصحراء المغربية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الأخبار العاجلة